الدروس الخصوصيّة تتسلّل إلى المؤسّسات الجامعيّة

تونس - الصباح: بعد أن استفحلت الدروس الخصوصية في المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية ونخرت المنظومة التربويّة.. بدأت هذه الظاهرة تتسرّب وتتسلّل إلى عدد من المؤسّسات الجامعية...





ولئن أحيط تقديم مثل هذه الدروس ماضيا بكثير من السريّة، فقد بدأت أخبارها الآن تفوح في الأوساط الطلابية نظرا لأن أسعارها مشطة وبمئات الدنانير... وفي هذا الصدد أكّد عدد من الطلبة لـ«الصباح» على أنّ هناك؛ من أساتذتهم من يقدّمون دروس دعم لبعض الطلبة خارج أسوار المؤسّسة الجامعيّة.
وقالوا: «إنّ أهمّ المواد التي تقدّم فيها دروسا خصوصية هي الرياضيات والفيزياء والتحليل».
وبيّنوا أنّ مثل هذه الدروس: «تجعل الفوارق تتسع بين الطلبة».. وأضافوا «إنّها حاليا حكرا على أبناء الأثرياء لأنّها غالية الثّمن».
وقال ماهر وهو طالب على أبواب التخرّج هذا العام: «هناك من الطلبة من يتابعون هذه الدروس الخصوصية.. ولكن عددهم قليل فهم من أوساط مرفّهة».
وذكر طلبة من المدرسة العليا للعلوم والتقنيات بتونس إنّه لا يعقل أن تحدث مثل هذه التجاوزات..
وقالوا إنّ الأساتذة لا يصرّحون مباشرة في القسم بأنهم يقدمون دروسا خصوصية.. ولكنهم يفعلون ذلك خفية.
وفي نفس الصدد ذكر وليّ أنّ مثل هذه الدروس ستضرّ بالدراسات الجامعية.
وقال أستاذ تعليم ثانوي خطوي بن زاكور إنه يحزّ في نفسه أن يستمع إلى شكاوى تلاميذه القدامى من الدروس الخصوصية وذكر أنهم يدرسون في مؤسسات جامعية وخاصة في المدرسة العليا للعلوم والتقنيات والمركب الجامعي في كلية العلوم.
وبينت طالبة رفضت ذكر اسمها «خوفا من ردود فعل أساتذتها»: «إنّ الأساتذة الذين يقدّمون دروسا خصوصية... لا يصرّحون لنا مباشرة بأنهم يفعلون ذلك... وإنّما حينما نذهب إليهم في نهاية الحصّة لنستفسرهم عن مسألة غامضة، يقولون لنا إنّهم مستعدّون إلى مساعدتنا على الفهم أكثر في منازلهم.. وحينما نسألهم على السعر يقولون «فيما بعد نتفق عليه»:
وبيّن عدد من زملائها أنهم سألوا بعض أصدقائهم الذين يتابعون دروسا في الرياضيات وأخرى في الفيزياء فأخبروهم أنّ أسعارها تصل إلى خمسمائة دينار.. ولكنّهم في المقابل «يمتنعون عن إطلاعهم على التمارين التي ينجزونها في حصص دروس الدّعم»..
وذكروا أنّ ظاهرة الدروس الخصوصية في الجامعات بدأت تستفحل في الأقسام التي يستعد طلبتها للمشاركة في مناظرة وطنية للدخول للمراحل التحضيرية للدراسات الهندسية.
نفـي
في الوقت الذي أكّد فيه العديد من الطلبة على وجود عدد من أساتذتهم يقدمون دروسا خصوصية بمنازلهم أو بمنازل طلبتهم بأسعار مشطة خاصة في مادتي الرياضيات والفيزياء.. نفى السيد أحمد الهذلي مدير المدرسة العليا للعلوم والتقنيات بتونس أن تكون الإدارة على دراية بهذا الأمر.
وذكر أن الطلبة أو الأولياء مدعوون إلى إعلام الإدارة بمثل هذه التجاوزات إن وجدت.
وأضاف السيد أحمد الهذلي: «إنه يمنع منعا باتا على الأستاذ الجامعي أن يقدّم دروسا خصوصية بمقابل مادّي لأن ذلك يتنافى مع أخلاقيات المدرس الجامعي قبل كل شيء».
وفي نفس الصّدد قالت مصادر بوزارة التعليم العالي: «يوجد منشور واضح وصريح يمنع تقديم الدروس الخصوصية في الجامعة».
الإدارة بالمرصاد
للتصدّي لانتشار الدروس الخصوصية في الجامعات بين مصدر مسؤول بوزارة التعليم العالي أن الوزارة بالمرصاد لكل التجاوزات.
وذكر نفس المصدر أن النصوص القانونية، تمنع على أساتذة التعليم العالي تقديم دروس خصوصية.
وأضاف: «لقد صدر مطلع السنة الجامعية الجارية منشور تمّ التذكير فيه بهذا المنع.. وبالإجراءات المعمول بها في الوظيفة العمومية، التي تمنع على المنتمي لها ممارسة نشاط مهني بمقابل إلى جانب التدريس».
وأكد المصدر نفسه على أنّ الإدارة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للتصدّي للتجاوزات.. وأنها سبق لها أن استجوبت وأنذرت أساتذة جامعيين يقدمون دروسا خصوصية.